تسجيل الدخول

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

تسجيل الدخول
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الطب الإسلامي وجالينوس

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الطب الإسلامي وجالينوس Empty الطب الإسلامي وجالينوس

مُساهمة من طرف ابراهيم محمد السبت مايو 17, 2008 9:42 pm

الطب الإسلامي وجالينوس
يواجه البحث الموضوعي كلما تطرق إلى تاريخ الطب الإسلامي سؤالين رئيسين، أولها: مكانة هذا التراث ودوره في تطور الأفكار التي مكنت الطب المعاصر من الوصول إلى المصاف الذي وصل إليه، وثانيهما: نوعية المساهمة التي أداها الطب الإسلامي في إطار كفاح الإنسانية ضد المرض.


وقلما يكون الرد على السؤالين هادئا موضوعياً إذ يدخل لاشعورياً في نطاق حرب قائمة منذ القديم بين العالم الإسلامي والعالم الغربي، ساخنة تارة وباردة أخرى، على هذا الصعيد أو ذاك، ولكنها للإسف الكبير لم تضع اوزارها إلى الآن.

ويمكن الرد على السؤالين من زوايا مختلفة سنتعرض لها بإسهاب في اجتماعنا هذا، وقد اخترنا من جهتنا المساهمة في النقاش بالتركيز على استقلال الأطباء المسلمين الفكري تجاه الممثل الرئيسي للتراث القديم الطبيب الروماني جالينوس (151- 201 م) الشيء الذي مكنهم من بلورة المنهجية العلمية الصحيحة. فقد ترجم جالينوس إلى العربية في القرن التاسع الميلادي وأعجب به الأطباء المسلمون وأخذوا عنه الكثير، وهو- رغم إعجابه بنفسه (خلافاً لأبقراط) وثقته بأن لكلامه صدق القوانين الموضوعية، ضيقة علم من أعلام الطب، فهو أحد آباء الفسيولوجيا اذ كان أول من اكتشف دور المخ في الحركة الارادية، وأول من وصف سبعة أعصاب قحفية كما عرف بعض خصائص الأعصاب والعضلات واحتواء الشرايين على الدم، أما دوره في دراسة النباتات واستعمالها الصيدلي فمعروف بما فيه الكفاية.
لكن جالينوس رغم سعة علمه بالقياس للعصر أخطأ في كثير من المواضيع فقد أكد أن الدم يتولد في الكبد الذي يلعب دور ضخه، وأن هناك اتصالا ًمباشراً بين بطيني القلب مما جعله لا يفهم الدورة الدموية، أو أن عظم الفك الأسفل عظمين، والاهم من هذا منهجيته العقيمة إذ كان يشرح الحيوان ويطبق على الإنسان وكأن لا اختلاف بينهما، ومن ثم كثرة أخطائه العضوية والفسيولوجية. كما نعلم أن تبويبه للإمراض كان خاطئاً إذ كان تصنيف وجمع الأعراض يخفي الأمراض حيث يقع الخلط بينهما. أما وصفاته في العلاج فكانت عادة على قدر كبير من الطرافة ومن الغرابة، وكان جالينوس لا يتراجع أمام استعمال التعاويذ والطقوس السحرية التي تدل على تمازج العقلية العلمية عنده بالعقلية الخرافية.


ونحن لا نستطع فهم طبيعة موقف أطباء المسلمين منه وتقديره حق قدره أن لم نركز على الشهرة الكبيرة التي كان جالينوس يتمتع بها على مر العصور فقد اعتبره الكثير من أطباء الشرق والغرب إلى بداية النهضة الغربية المرجع الأول والأخير لأغلب المسائل الطبية فأصبح اسمه وحده حجة وذريعة وبالتالي فانه لعب نفس الدور الذي لعبه أرسطو في الفلسفة أي أنه نأى بكل صيته على مقدرات الطب، فشل من حركية البحث والتنقيب لتشبث اتباعه بكل ما كتب وصنف، ولإيمانهم الأعمى بأن فيه كل الحقيقة وهذا الصيت الذائع هو الذي جعل ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء يسمى الرازي بجالينوس العرب مثبتاً أهمية الرجل القصوى. ومن النوادر التي تعطينا فكرة عن طغيانه الفكري قول بعض اتباعه بأن بنية الإنسان تغيرت منذ عهده لما اضطروا لتفسير أخطائه المتعددة في علم الأعضاء. كمال يحفظ التاريخ صرخة شهيرة لأحد أطباء الإنجليز في بداية القرن السابع عشر لما ووجه بنظرية الدورة الدموية المنسوبة له في تعبير عن مدى التحجر الفكري الذي بلغه الأطباء الدوغماتيون من تلامذته: " أنني أفضل أن أخطئ مع جالينوس على أن أصيب مع هذا الأفاق المدعو هارفي ".

الشيء الهام أن المتتبع للتاريخ الإسلامي في الطب يكتشف بسرعة أن الأطباء المسلمين وان أعجبوا بجالينوس،وأخذوا عنه فانهم لم يماشوه في كل ما قال بل نجد عند الكثير منهم نقداً حاداً له وتجاوزا لأقواله ولنظرياته ونحن قلما نجد ذلك الإيمان الأعمى بكل ما يصدر عن أصحاب الأسماء الهائلة عند أطباء المسلمين، هذا الإيمان الذي أصبح بديلاً للمنهجية العلمية بالنسبة لاغلب مفكري وأطباء الغرب إلى عهد جاليلي الذي جعل من الحرب ضد التحجر الفكري هدف كفاحه وهذا التحرر من الدوغامتية في الفكر هو ما نستشفه من قول الرازي " أن الحقيقة في الطب لا تدرك بالعلاج بما تصفه الكتب دون أعمال الماهر الحكيم رأيه " "وهو يقصد بالطبع كتب جالينوس خاصة. كما خالفه الرازي في منهجيته حيث أننا لا نعرف له هذا التمازج الغريب بين العقلية العلمية والعقلية الخرافية الذي نجده عند الطبيب الروماني، فهو لا يقول إلا بالتجربة، وهو من الأوائل الذين جربوا العقاقير على الحيوان قبل إعطائها للمرضى، فلا طقوس ولا تعاويذ ولا خلط عجيب وعشوائي بين كل المواد الممكنة، وانما التفكير الموضوعي الذي يحاول الربط بين علة ودواء محتمل يؤثر على الجسم بصفة مباشرة. وهذه المنهجية العلمية هي التي نستشفها وراء دراساته السريرية فهو خلافاً لجالينوس لا يخلط بين الأعراض والأمراض بل يحاول إثبات خاصيات واستقلال كل مرض رغم تشابه الأعراض، وفي دراسته التفريقية الشهيرة بين الجدري والحصبة. وكان ابن سينا الذي نقل كثيراً من أخطاء جالينوس لا يخشى هو الآخر من الاستقلال برأيه فيدلي برأي المعلم في القانون ومضيفاً عند الحاجة "يقول جالينوس وأقول ". ونحن نجد نفس الاستقلال والمنهجية العلمية عند ابن زهر الذي كان يشرح الموتى غير مقتنع بتشريح جالينوس للحيوان وابن زهر هو الذي كان أول من حاول الربط بين مرض معين واصابة محددة في الجسم وذلك واضح في دراسته لرطوبة غشاء القلب وأورام الصدر هذا وقد أكد مرارا على أهمية التجربة والملاحظة وتفوقها على الآراء الدوغماتية التي ترتكز على صيت جالينوس.

وأحسن من ركز بقوة على هذه النقطة عبد اللطيف البغدادي (بداية القرن الثاني عشر ميلادي) الذي لم يكن يرضى بديلاً للتجربة (الحس حسب تعبيره) ساخراً من كل العقول الذليلة التي تكتفي بما في كتب جالينوس بدلاً من الالتجاء إلى حكم الواقع وهذا ما يتضح من خلال نص له:

"ومن العجيب ما شاهدناه أن جماعة ممن يتعاطون الطب وصلوا إلى كتاب التشريح لجالينوس فكان يعسر إفهامهم لقصور القول عن العيان فأخبرنا أن في المقطم تلا عليه رمم كثيرة فخرجنا إليه فشاهدنا من شكل العظام ومفاصلها وكيفية اتصالها وتناسبها وأوضاعها ما أفادنا علماً لا نستفيده من الكتب، أما أنها سكتت عنها أو لا يفي لفظها بالدلالة عليه، أو يكون ما شاهدناه مخالفاً لما قيل فيها. والحس أقوى دليلاً من السمع، فإن جالينوس وان كان في الدرجة العليا من التحري والتحفظ فيما يباشره ويحكيه فإن الحس أصدق منه.

وهذا التحرر الفكري والاعتماد بالأول على التجربة والملاحظة هو الذي مكن عبد اللطيف البغدادي من إثبات بعض أخطاء جالينوس كالقول بأن عظم الفك الأسفل عظمان جمعاً بمفصل وثيق عند الحنك. فقد رفض البغدادي الاستكانة إلى "هذا الرأي بدون التثبت من صحته وهو أمر نعتبره بديهياً في عصرنا الذي سادت فيه المنهجية العلمية إلا أنه لم يكن كذلك في عصور كثر فيها الخشوع أمام الأسماء الهائلة والتشبث الأعمى بأقوال القدماء، وتفضيل النظرية على التجربة، والخلط بين المستوى الخرافي للأمور ومستواها الواقعي.

فالبغدادي لا يخشى من تسفيه رأى المعلم الكبر بأن الحس أصدق منه كما نرى في قوله: "والذي شاهدناه من حال هذا العظم أنه عظم واحد ليس فيه مفصل ولا درز أصلاً واعتبرناه ما شاء الله من المرات في أشخاص كثيرين تزيد على ألفي جمجمة بأصناف من الاعتبارات فلم نجده إلا عظما واحدا في كل ما شاهدناه منه وما حكيناه " وقد ماشاه ابن النفيس في نفس الاتجاه إذ يقول:

" أما منافع الأعضاء فيعتمد في تعريفها على ما يقتضيه النظر المحق والبحث المستقيم، ولا علينا وافق ذلك رأي من تقدمنا أو خالفه "، ونحن نعلم أن رفض ابن النفيس المبدئي لآراء جالينوس حول وظيفة الكبد والقلب والرئتين هو الذي كان بداية اكتشاف الدورة الدموية الصغرى إذ لم يؤمن بنظريته القائلة بأن الدم ينساب من البطين الأيمن إلى البطين الأيسر عبر ثقوب، وان وظيفة الرئتين الرفرفة فوق القلب لتبريده.

فالملاحظة الموضوعية التي آمن بدورها الرئيس كل الأطباء المسلمين لا تثبت وجود هذه الثقوب، ومن ثم وجب إعادة النظر في وظيفة القلب والرئتين. وفي هذا يقول ابن النفيس: " فإن جرم القلب هناك سميك ليس فيه منفذ ظاهر كما ظنه جماعة (أي جالينوس وتلامذته) فلا بد أن يكون هذا الدم إذا لطف نفذ في الوريد الشرياني لينبث في جرمها ويخالط الهواء ويتصفي ألطف ما فيه وينفذ إلى الشريان الوريدي ليصل إلى التجويف الأيسر من تجويفي القلب لا.

وهكذا يظهر من خلال تعامل أكبر الأطباء المسلمين مع جالينوس نبراس التراث الإغريقي الروماني تحامل الدعوى المبتذلة التي يروج بها بصفة دورية البعض من مؤرخي الغرب، فالطب الإسلامي لم يكن مجرد ثلاجة أودع فيها التراث
إلى أن تلقنه العقول النيرة أبان النهضة الأوروبية، بل بالعكس إذ شكل مرحلة عمل إيجابي خلاق والأهم من هذا أننا
نرى بوضوح من خلال هذه العلاقة نوعية مساهمته، فمن المغالاة مثلاً أن نقول أن الطب الإسلامي عرف كل شيء أو
كان السباق في كل الميادين، وهذا ما يدعيه بعض المؤرخين المسلمين الذين يرتكبون الخطأ المعاكس لمؤرخي الغرب.
وهذه المساهمة تمثلت بالأول في تكريس المنهجية العلمية الصحيحيه أي:


- رفض الاعتماد على صيت الأسماء الهائلة في تتبع الحقيقة.
- الدعوة إلى أعمال الماهر الحكيم رأيه كما يقول الرازي.
- تفضيل التجربة لان الحس أصدق من السمع كما يقول عبد اللطف البغدادي.
- رفض تعميم المعارف المشتقة من الحيوان إلى الإنسان ومحاولة دراسة الجسم الإنساني مباشرة .
- إخضاع النظرية للمعاينة العلمية فإن حصل التوافق قبلت وان لم يحصل لفظت كما فعل ابن النفيس.
بالإضافة إلى فكرة التفرغ للطب، وللطب وحده، كما فعل ابن زهر، والتركيز على أهمية ونبل الممارسة الجراحية
المرتكزة على معرفة حقيقية لعلم الأعضاء كما فعل الزهراوي.


أن الأفكار التي تبدو لنا من البديهيات كانت ثورية وجديدة وخلافة. وقد شكلت بدون أدنى شك مساهمة الطلب
الإسلامي الحقيقية ورافداً من روافد النهضة الأوروبية التي مهدت لانفجار المعارف الطبية.


فنحن نجد خط غير متقطع يربط بين دعوة الرازي إلى أعمال الحكيم الماهر رأيه وثورة باراسلز eslecarap(1493- 1541 ( تم الذي احرق كتب جالينوس وابن سينا في أول درس له معلنا بهذا وصول التمرد ضد التحجر والدوغماتية الذي جمد الفكر في الغرب إلى جامعات أوروبا وذلك بعد خمسة قرون من ظهور هذا التمرد في الفكر الا سلامي.

كما أننا نجد صلة واضحة بين تعطش عبد اللطيف البغدادي إلى المعرفة الصحيحة في علم الأعضاء ورفضه لتشريح جالينوس والعالم الكبير فيزال elaseV(1564- 1514 م) الذي ترك كتب جالينوس ليبحث وينقب ويشرح . بنفسه كذلك نكشف نفس الصلة بين ابن زهر ومقارنته بين أعراض المرض،؛ والإصابة العضوية وبين مورقاني (682 ا- 1711 م) الذي جعل من هذه المقارنة الدائمة ركيزة الطب لمدة قرون وهي التي نراها عند ابن النفيس أي إخضاع النظرية إلى خصائص الأعضاء ومحاولة اكتشاف الصلة الموضوعية التي تربط بينهما.

وفي الختام نود التذكير بأنه من الغريب أن هذه العلمية الصحيحة التي تشكل المساهمة الحقيقية للطب الإسلامي،
لم تظهر في الغرب إلا لتختفي في عالمنا إذ تلاشت هذه الحرية الفكرية أبان عصور الانحطاط وعاد الأطباء المسلمون إلى
كل ما حاربه من سبقهم من تحجر فكري وتعيش ذليل على تراث جامد إلى عودة الفكر الخرافي إلى الساحة. أي أنه حصلت ردة خطيرة تماشت مع كل مظاهر الانحطاط الأخرى وأدت بنا إلى الوضعية الحالية التي لا يجب أن نغفل عنها لحظة والتي نحاول لها حدا وهاته الوضعية كما تعلمون تتلخص في المستوى المتردي للحالة الصحية لأغلب الشعوب الإسلامية والناتجة عن تخلف المجتمع ككل وتخلف القطاع الطبي على وجه الخصوص والغياب الكلي للأطباء المسلمين من ساحة البحث والتنقيب أبان هذا القرن الذي شهد انفجاراً لا مثيل له في المعرفة والقدرة الطبية، هذا القرن الذي مهد له الأجداد ولم يسايره الأحفاد.
نحن نتمنى في الأخير أن يكون الملتقى فرصة لربط الماضي بالحاضر، أي لا نركز على الماضي إلا لكي نتعامل مع الحاضر والمستقبل بفاعلية أكثر. وما أحوجنا إلى ملتقى آخر يكون موضوعه مستقبل الطب الإسلامي وكيف نستطيع التعجيل بعودته إلى ساحة البحث والتنقيب، لكي يقع بين ماض مشرق ومستقبل أشرق، ونحن إذ نتطلع إلى تحقيق هذا الهدف فليس من باب الصراع العقائدي مع هذا أو ذاك وانما لكي لا نشعر تجاه من سبقونا بأننا قصرنا في الرسالة، وخاصة من باب بغية المساهمة اللائقة بنا في مغامرة الفكر البشري وصراعه ضد الجهل والألم والمرض

ابراهيم محمد
مشرف
مشرف

عدد الرسائل : 101
الشعبية : 5849
تاريخ التسجيل : 15/05/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الطب الإسلامي وجالينوس Empty رد: الطب الإسلامي وجالينوس

مُساهمة من طرف waw_al_3raqi الثلاثاء مايو 20, 2008 8:04 pm

مشكوووووور على الموضوع بس يمكن نمت مرتين وانا جاي اقرا بالموضوع هع هع هع I love you

waw_al_3raqi
عضو مميز
عضو مميز

عدد الرسائل : 185
الشعبية : 5851
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الطب الإسلامي وجالينوس Empty رد: الطب الإسلامي وجالينوس

مُساهمة من طرف ابراهيم محمد السبت مايو 24, 2008 7:18 pm

هههههههههههههه



العفو على طول الموضوع

ابراهيم محمد
مشرف
مشرف

عدد الرسائل : 101
الشعبية : 5849
تاريخ التسجيل : 15/05/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى